*الندِّية العسكريّة.. للنزاع هوية أسمى* *وفاء ناصر - خاصّ الأفضل نيوز* مع ذكرى بداية حرب تموز المذيّلة بالنصر الإلهي، ترتسم

عاجل

الفئة

shadow
*الندِّية العسكريّة.. للنزاع هوية أسمى*

*وفاء ناصر - خاصّ الأفضل نيوز*

مع ذكرى بداية حرب تموز المذيّلة بالنصر الإلهي، ترتسم ابتسامة ساخرة على فِيه زمن طوى صفحة الانكسار، نفض من ذاكرته ذكريات الألم والهزيمة مستبدلا إياها بمشاهد بطولية ونهايات أسطورية لا تزال تنبض بالحياة رغم قِدَمها، بل أكثر من ذلك تنسحب حاضرًا انتصارات تمهيدية تزخر بها ساحات جديدة اقتبست تجربة المقاومة اللبنانية واعتمدتها أسلوبا في النضال حتى تحقيق المراد وتثبيت الهوية عبر هزيمة كل محتل.

وكما جرت العادة، تتقاذف الدّولتان المتجاورتان (لبنان وفلسطين المحتلة) مضافًا إليها دولة أخرى تشترك في حدودها معهما (الجمهورية العربية السورية) شرارة الأضواء. فتارة تحتل سوريا المشهد وتارة الجنوب اللبناني وتارة أخرى فلسطين في التّصدي لعدوّ غدّار لا يفهم سوى لغة النار، عدوّ يتلصّص بين الحين والآخر لاسترجاع مجد عسكري زائف لم يكتبه بعنصره البشري بل بآلة حديدية لا تفقه الرحمة.

مؤخّرًا أبت ولّادة الأبطال والشهداء إلا أن تعيد البوصلة إلى ساحاتها ببطولات شبانها وعزيمة شعبها الحي رغم جرائم الحرب التي تُرتكب بحقه كلما أراد العدو استعادة مركزه على الساحة الإقليمية ومتى ما أرادت حكومته ترتيب وضعها الداخلي المأزوم أمام شعبها المكسور، فالصورة الجديدة لا تكتنف مظاهر القوة في مستوياتها.
وما حققته جنين بالرغم من ظروف الضفة لجهة الثبات على خيار المقاومة وإجبار جيش الاحتلال على الانسحاب مذلولا من عملية عكست بأسها لهو حتمًا إنجاز عظيم وتأسيس لمرحلة مهمة تبشّر بتعاظم قوة وخبرة المقاومة - وتشاركها-، فعالية أسلحتها المعلنة وغير المعلنة، تكتيكاتها العسكرية التي تطورت من مرحلة الدفاع إلى الهجوم بالإضافة إلى حكمة غرفة عملياتها المشتركة.

وما رافق هذا الحدث من استنفار عسكري للعدو الإسرائيلي في مسعى لإزالة الخيمتين اللبنانيتين من جهة واحتلال قرية الغجر من جهة ثانية عدا عن الخروقات الجوية والبرية والبحرية لهو حماقة باهظ ثمنها.

مما لا شك فيه أن الهزائم المتتالية للعدو الإسرائيلي كسرته وحطّمت عنفوانه، وجعلت "يده مغلولة". والزمن الذي كان يجاهر ويبدأ به الاعتداء العسكري قد ولّى، حتى أصبح جلّ هدفه شدّ المقاومة في لبنان وفلسطين إلى الحالات الأمنية لإرضاء ليس فقط عسكره أو الشاباك أو الموساد وإنما المستوطن الصهيوني الذي يعيش الحالة الأمنية المهتزة.

وهذا الوضع الجديد في "الندية العسكرية"، بنظر الخبير في الشؤون الاستراتيجية الدولية د. علي حمية، يؤشر الى نهاية الكيان الإسرائيلي، فمتى "استطعنا كسر المعادلة الأمنية، هذا يعني أن العدو إلى زوال". كما أن الانتقال من جبهة إلى أخرى بحثا عن شبه انتصار يعكس حالة الهيجان والتخبط التي يعاني منها العدو.
ولكن إذا ما تصرف بحماقة وأقدم على إشعال حرب بغية "تغيير المعادلات التي تحوّلت سنة للمقاومة لا رجوع عنها" علمًا أنه عاجز عن ذلك ويخشى حصولها رغم التلويح بها، سيلقى حتما دعمًا أميركيًا ولكن ليس بالزخم المطلوب كون الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب في التّورط بحرب لم تحدّد توقيتها، ولكن في المقابل ستتجلى وحدة الساحات لأن "النصر صار أقرب". ويضيف د. حمية "نحن لا يهمنا ما يريده الإسرائيلي، ما نريده هو التحرير ومقوماته باتت جاهزة".

وبالعودة إلى الحدود اللبنانية الجنوبية المتصدّرة للنجومية، بدا جليًا أن نصب الخيم يمثّل فعلًا مدروسا نتيجة فكر استباقي لجسّ نبض العدو الإسرائيلي الضعيف الذي أصبح يتصرف ردًّا على الفعل، أي أنه "انتقل من حالة الهجوم الى حالة الدفاع." وبالتالي انقلبت الأدوار مع تنامي قدرة المقاومة وصورة ردعها، وأصبح كيان العدو "يعيش أكثر حالات الضعف".

كما كان لافتا تجيير حزب الله ما حدث من احتلال لبلدة الغجر إلى الحكومة العاجزة والشعب المنقسم مكتفيًا بالإدانة والاستنكار دون أن يرد الصاع صاعين، علما أن بيانات الإدانات والشجب لا تثمر أمام مجتمع دولي غربي يُفضّل الإسرائيلي على العربي، ولأن النصر لا يتحقق إلا بالنار.

في إطلالته التلفزيونية بمناسبة الذكرى السابعة عشرة على الانتصار، أكّد أمين عام حزب الله أن مسألة الخروقات هي مسؤولية الجيش اللبناني يساعده الشعب فيها، بينما يقتصر دور المقاومة على المراقبة والمساعدة إذا تطلب الأمر.
وكان واضحا في أن يكون الموقف اللبناني حاسمًا في قرية الغجر، لأن البيوت والأرض اللبنانية يجب أن تعود إلى لبنان بلا قيد وبلا شرط، وتحريرها مسؤولية الثلاثي الدولة والشعب والمقاومة.
فهل المقصود من حثّ الدولة والشعب على التصدّي لهذا الاحتلال رفع الحجة عن تصرف المقاومة المستقبلي، بعدما رمت الكرة في ملعب الحكومة التي تقاعست عن الرّد الجدّي، سيما أن ارتفاع درجة حرارة الجبهات يمهّد لأمر واضح ومطلوب لتحقيق الاستقرار الأمني في ظل تحوّل النزاع من عقاري إلى تكريس للهوية؟!

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة